Headlines
نشرت في:
نشرت بواسطت kamachin

قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)




قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم
للشاعر نزار قباني (1923-1998م)


بقلم الأستاذ الباحث : عبد القادر الغزاوي
دأب بعض المطربين على قراءة ومراجعة كلمات القصائد/الأغاني التي تعرض عليهم لغنائها، فيبدون بعض ملاحظاتهم، وخاصة فيما يتعلق ببعض كلمات الأبيات الشعرية، إما من حيث تغييرها وتعديلها، أو من حيث حذفها من القصيدة... وأذكر منهم على سبيل المثل أم كلثوم(1898- 1975م). ومحمد عبد الوهاب (1902- 1991م). وعبد الحليم حافظ ( 1929 - 1977م). الشيء الذي يظهر جليا أن للمطرب المقتدر رأيا فيما سيغني وإلماما بالشعر وكلماته. ناهيك عن تذوقه للكلمات الجميلة، وإحساسه بها.
لما قرأ المطرب عبد الحليم حافظ قصيدة "قارئة الفنجان" ، أعجب بها كثيرا وقرر غناءها، إلا أنه كانت له ملاحظات على بعض كلماتها، فقررالاتصال بالشاعر نزار قباني صاحب القصيدة ومناقشته لكي يتفق معه على تغيير بعض كلمات القصيدة، وبعد الاتصال به وافق الشاعر نزار على تلك الملاحظات، واقتنع بها والتي تتوخى حذف وتغيير بعض كلمات الأبيات الشعرية بأخرى، حيث تم الاتفاق بينهما على ذلك... في هذا الصدد،( يقول الشاعر نزار قباني :" لقد تعاملت معه – عبد الحليم- في قصيدتين من أصعب قصائدي، وهما : رسالة من تحت الماء وقارئة الفنجان. وحين كنت أنبهه إلى أن الجمهور البسيط قد لا يستطيع التقاط بعض المعاني الجديدة عليه، كان يقول لي : " لماذا إذن تكتب أنت وأغني أنا ؟، إن وظيفتنا الأساسية هي أن نغير الذوق العام، ونجعله يتبعنا .. إن الجمهور العربي من أذكى جماهير الدنيا .. اعط المستمع العربي أي شيء جميل تريده، وهو يلتقطه منك بأسرع مما تتصور"... كان يقاتل من أجل الحصول على كلام غير مألوف .. وأذكر أن قصيدتي قارئة الفنجان بقيت معه ثلاث سنوات.. وقد اتصل بي من القاهرة إلى دبي خلال حوادث لبنان، وقبل إذاعة الأغنية بأسبوع عشرات المرات هاتفيا، من أجل إضافة كلمة أو تعديل مقطع ".. ( كتاب: عبد الحليم حافظ لحن الوفاء. منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت، بدون تاريخ. الصفحة رقم 50. فكان من نتيجة هذه التعديلات، ميلاد أغنية من أجمل وأروع الأغاني العربية، حيث أبدع فيها الثلاثي الرائع، الشاعر الكبير نزار قباني، والمطرب الشهير عبد الحليم حافظ،، والملحن المقتدر محمد الموجي ... ويمكن للقارئ أن يطلع على القصيدة الأصلية والقصيدة الأغنية أسفله ومقارنتهما ... وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
الحذف والتغيير :
جاء في كلمات القصيدة :
يا ولدي قد مات شهيدا من مات على دين المحبوب
جاء التغيير على الشكل التالي:
يا ولدي قد مات شهيدا من مات فداء للمحبـــــــوب
وكذلك جاء في كلمات القصيدة :
فمها مرسوم كالعنقود ضحكتها موسيـــقى وورود
جاء التغيير على الشكل التالي :
فمها مرسوم كالعنقود ضحكتها أنغـــــــــام وورود
الإضافة :
لما وافق الشاعر نزار قباني على تلك التغييرات وأعجب بها أضاف إلى القصيدة أضاف إليها عدة أبيات شعرية في القصيدة الأصلية، منهما :
مقدورك أن تمضي أبــدا في بحر الحب بغير قلاع
وتكون حياتك طول العمر كتاب دمــــــــــــــــــــوع
كذلك أضاف الشاعر نزار قباني مجموعة من ألأبيات الشعرية .
فنجان عبد الحليم حافظ :

لشدة إعجاب عبد الحليم حافظ بقصيدة قارئة الفنجان وإعجابه بكلماتها الرائعة كثيرا، كانت (الحاجة مرجانة قارئة الفنجان) تتردد على عبد الحليم في بيته لتقرأ له الفنجان ...وأن عبد الحليم (لم يكن من محبي احتساء القهوة... ولكن من أجل عيون قارئة الفنجان كان يرشف القليل منها من باب التفاؤل)... إلا أنها لم تقرأ فنجان عبد الحليم، حيث لم تخبره بمصيره، وماذا سيحدث له، لأنه بعد أدائه تلك الأغنية ببضعة شهور توفي ورحل عنا، رغم أنها قالت له:
يا ولدي، قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتك أسفارٌ وحروب..
ستحب كثيراً يا ولدي..
وتموت كثيراً يا ولدي
وكانت أغنية قارئة الفنجان من أحب وأعز الأغاني لدى عبد الحليم حافظ ... يقول الكاتب محمد الشافعي : ( كان عبد الحليم حافظ طوال أيامه الأخيرة يستمع من خلال جهاز التسجيل الموجود بجانبه إلى أغنية قارئة الفنجان آخر أغنياته التي غناها في حفل عام وكان يستمع باستمرار إلى المقطع الذي يقول " فطريقك مسدود مسدود يا ولدي" وعندما ينتهي المقطع يعيده مرة أخرى )... (مجلة الكواكب.العدد 2435. مارس 1998م. الصفحة 65.
وتعتبر هذه الأغنية آخر ما غنى المطرب عبد الحليم حافظ قبل وفاته في حفلة شم النسيم ابريل سنة 1976م، وهي من تلحين الملحن الكبير محمد الموجي... هذه الإشارة بمناسبة مرور أربعين سنة على رحيل المطرب عبد الحليم حافظ ، حيث كانت وفاته يوم 30 مارس سنة 1977م. وقد حققت نجاحا كبيرا، وتعتبر قمة توزيع أغانيه، ومن أكثر الأغاني المطلوبة. المرجع مجلة الكواكب (المصرية) عدد: 2174 . بتاريخ 30 مارس 1993م.
القصيدة الشعرية : قارئة الفنجان، من ديوان "قصائد متوحشة".

جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي،
قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتك أسفارٌ وحروب..
ستحب كثيراً يا ولدي..
وتموت كثيراً يا ولدي
وستعشق كل نساء الأرض..
وترجع كالملك المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحان المعبود
فمها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتها موسيقى و ورود
لكن سماءك ممطرةٌ..
وطريقك مسدودٌ.. مسدود
فحبيبة قلبك.. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصر كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسه.. وجنود
وأميرة قلبك نائمةٌ..
من يدخل حجرتها مفقود
..
من يطلب يدها..
من يدنو من سور حديقتها.. مفقود
من حاول فك ضفائرها..
يا ولدي..
مفقودٌ.. مفقود
بصرت.. ونجمت كثيراً
لكني.. لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبه فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي..
أحزاناً تشبه أحزانك
مقدورك.. أن تمشي أبداً
في الحب .. على حد الخنجر
وتظل وحيداً كالأصداف
وتظل حزيناً كالصفصاف
مقدورك أن تمضي أبداً..
في بحر الحب بغير قلوع
وتحب ملايين المرات...
وترجع كالملك المخلوع.
القصيدة المغناة: قارئة الفنجان.
جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلــــوب
قالت: يا ولدي لا تحـــزن فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي قد مات شهيـــدا من مات فداء للمحبـــوب
بصرت ونجمت كثيــــرا لكني لم أقرأ أبــــــــــــــدا
فنجانا يشبه فنجانك
بصرت ونجمت كثيــــرا لكني لم أعرف أبــــــــــدا
أحزانا تشبه أحزانك
مقدورك أن تمضي أبــــد في بحر الحب بغير دموع
وتكون حياتك طول العمر كتاب دمــــــــــــــــــــــوع
مقدورك أن تبقى مسجونا بين الماء وبين النار
فبرغم جميع حرائقــــــه وبرغم جميع سوابقـــــــه
وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهـــــــــــــــــــار
وبرغم الريح.. وبرغم الجو الماطر.. والإعصار
الحب سيبقى يا ولدي ؟لأحلى الأقــــــــــــــــــدار
بحياتك يا ولدي امــــــــرأة عيناها سبحان المعبــــود
فمها مرسوم كالعنقــــــود ضحكتها أنغــــــام وورود
والشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيــــــــــا
قد تغدو امرأة يا ولـــــــدي يهواها القلب هي الدنيــــا
لكن سماءك ممطـــــــــرة وطريقك مســـــــــــــــدود
فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود
من يدخل حجرتها .. من يطلب يدهــــــــــــــا
من يدنو من سور حديقتهــــــــــــــــــــــــــــا
من حاول فك ضفائرهــــــــــــــــــــــــــــــــــا
يا ولدي مفقود مفقود مفقـــــــــــــــــــــــــود
ستفتش عنها يا ولدي في كل مكـــــــــــــــان
وستسأل عنها موج البحـر وتسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحارا وبحـــــارا وتفيض دموعك أنهارا
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا
وسترجع يوما يا ولـــــدي مهزوما مكسور الوجـــدان
وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك ليس لها أرض أو وطن أو عنـــــــوان
ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي ليس لها عنوان.
مات هذا الثلاثي الرائع، الشاعر والمطرب والملحن... وبموتهم يسدل الستار عليهم جسديا... فغابوا عنا ولكن آثارهم وأعمالهم الجميلة بقيت خالدة... يتغنى بها الجميع، ويشدو بها كل محب للشعر الجميل والنغم الرائع. لأن الزبد والتافه يذهب جفاء، وأما المفيد والجميل يمكث في الأرض ويبقى ويدوم.

نبذة عن الكاتب

نشرت بواسطة kamachin على السبت, أبريل 12, 2014. تحت سمات . يمكنك متابعة الردود على هذا الموضوع من خلال الدخول RSS 2.0. لا تتردد في ترك ردا على

By kamachin on السبت, أبريل 12, 2014. تحت وسم . تابع اخبارنا على RSS 2.0. اترك رد على الموضوع

0 التعليقات for "قصيدة قارئة الفنجان بين الشعر والنغم للشاعر نزار قباني (1923-1998م)"

اترك الرد