الأديب المهجري : محمد التطواني ــــــــــــــــ
الفارق بيني وبين الحديد ، أنَّ الحديد ، حين يريد أن يتخلص من صلابته ، يرمي بنفسه في نار حامية ، ويستسلم ليد الحداد ، إذ يستطيع أن يحوله الى أجناس وقطع مختلفة ومضادة، تجد محلها في أسواق التجارة ، وتجلب الربح لأصحابها .
بالنسبة لـِ ( أنا ) أشعر كخروف بين يدي جزار ، أو في حرب مع منشار ، وجهان لواحد .
منذ أنْ رالَ لعاب شمهاروج العصر ، في غضبة شرسة على وجه مكروفون حكومي مخاطبا شعبا ً بأكمله ، إلتقطتُ من بُحاحه ،( نَقْصاكُمْ تربية وْأنا غَدِ نْعودْكُمْ التَّربية ) .
من يومها ، بدأت تتكرر هذه الوقاحة ، على دوي الألسن الطويلة ، ودوي قبضة حديدية ، كما يحصل عند الانتخابات ، لمد الجسر ، نحو أجنحة ألبوليتيك للفوز بالمطرقة.
سرَّتْني عفوية هذا الغِرّيد ، وصرفتني عن لذاذة مُضغة فطير من صنع أمي ، مدهونة بدهان الزيت والعسل .
فكرت أن أسلم عقلي لهذا اللاَّحِن ، وأتبع حماقته ، ولن اكون مثل الحديد ، وهو اختيار أرحم ، ربما تكون كل مقاييس ، ما كنت أنْشَقه من عبير بيتنا ومدرستي أفيون ، نقيض ما يدعو اليه هذا الرِّعْديد الجبان .
( رضيت بذله ، والذل لم يرض بي ) .
ترزَّنتُ مع تباطؤ مركب ضميري ، لعلي أجمع ميكانيزمات شتاتي ، قبل أن أتصعْلك مع فضاضة هذا اللّسين الطويل .
سؤالي كان بسيطا ، طرحته على الهواء مباشرة ، على صديقي ، الذي يحمل صفة مستشرق ومستعرب بالاضافة الى جنسيته الهولندية :
واسمحولي على وقاحتي في السؤال .
- هل يمكن حلاقة اللحي / بمَواسِ/ جيليتْ ، تَمَّ استعمالها لحلاقة الدبر ؟
أدركت صديقي ضحكة ، حتى خسفت به الجهات الأربعة ، ويعلو صوته ، فقال :
- رأيت هذا في الحمامات ، لكن لا أظن عمل صحي ! .
قررت أخيرا ، بعد حسن النية التي عبر بها صديقي، أن أدخل مدرسة هذا الغريب الأطوار ، خلسة عن أهلي ، وأضرب كل الاعداد في الصفر ، لتلقي نموذج ، إعادتي تربية ، مثل خُبث موسى / جيليت /
لعلي أتخلص وغيري من استخدام الشطط عند الكلام الشَّائن ، الذي حـــــــرم شمهاروج من لذة النوم ، وربما يلحق بشقه الأسفل والأعلى ، لا قدر الله مكرووووه .
سألت متعدد الأسماء :
- هل تعتبرني من الآن تلميذك؟
إستجابني : تربيتي لك ، أن تضع في فمك شكيمة مثل الحمير والبغال .
وتخضع لتعقيم مغناطيسي عن بعد .بالإضافة ارتدائك رابطة عنق ليسهل علي التحكم عند خطابك ، أرض أرض ، وجوْ جَوْ، واضعك قاب قوسين .
وعندما دلفتُ مكتبه ، لأسأله آخر سؤال ، وجدته يدخل أصابعه بكَرِش بقرة مع قطعة حديد ، فيخرجها رغْوة ، ويصنع منها Central Danone لذييييذ .
كانت دهشة ثقيلة الوزن ، لم تقبلها معدتي، إما أن أستسلم ، وأزْدَرِدْDanone كَرُشىً / رشوى / .
أو أرفض هذا الإستغواء ، وأعود الى حظائري ، وتربتي ، وفطير والدتي .
صراحة .. فزعت ، وكأني قُبالة نسخة / فوطوكبي / لتهديدات فرعونية، تسللت من مكتبه ، وقلت.. الفرار الفرار ، ولَم التفت خلفي .