نشرت في:
نشرت بواسطت kamachin
لست
أمل الأخضر :
لستُ معْنيَّةً بِشَيْء..
لستُ مَعْنية بالكَمِّ الهائلِ من صُوَرِ القتلى
والمعَطوبينَ على التِّلفازِ ،
ولا بالإثنيْنِ البغيضِ .
ولا بالنَّهْر يلْفَظ جُثثَ المَنكوبينَ الباحثينَ عَنِ الخبْزِ في بلادِ الإِفرَنجِ ،
ولا بالمرْضى البُسطاءِ ، الذين لم يزُرْهم أحد ،
وَلَمْ يفتحوا عُيونهم على باقَةِ الزهورِ موقَّعَةً ،
والذين يتَسَلَّمونَ روشتَّة الدَّواءِ بجيوبٍ فارِغة ،
و يستبدلونهُ بوصفاتِ الطِّب البديلِ ،
والأعشابِ النابِتَةِ على الطَّريقِ .
والذين يدْخلونَ في صلاةٍ طويلةٍ ،
لأنهم .. إلى الله ، قريباً ذاهبون .
والذين يكتبون وصيتهُم الأخيرَةَ ،
ويَطلبونَ الغُفْرانَ من اللهِ ، ومن زوْجاتِهمُ الصامتاتِ ،
ومن الجارِ الهادِئِ. ، ومن النَّباتاتِ المُهْمَلَةِ ، ومن الكتب الغارقةِ
في غُبارِ النِّسْيانِ ، وَمنْ كُلِّ شَيْءٍ ..
لست معنِيَّةً بتَقْطيبة جبينِكَ ،
ولا بتقاسيمِ القَلقِ على وجهِك ،
ولا بمقالاتِك اللاَّذعةِ على المواقعِ الإلكترونِيَّةِ .
ولا بجارَتِنا السَّمينةِ ، تتوكَّأُ عُكَّازًا من خشب ،
ولا بِقَريبي ضَبَطْتهُ يتَلَصَّصُ على السّيِّدة نزيهة المُقابلَةِ لدارِنا
تَكْنِسُ عتَبةَ الباب ، و لا بقِطِّ حيِّنا الأَعْوَرِ المُحْدِث لجَلَبةٍ في هزيعِ الظَّلام ،
ولا ببامُو المهاجِر الزِّمْبَبِْويِّ ذي العضَلاتِ المَفْتولةِ والإبتِسامَةِ العَريضَةِ ،
يَحْمِلُ السَّلَّةَ لسُعادَ المُطلَّقة ، ويَغْسلُ الصُّحونَ ، ويقومُ بأغْراضَ أُخْرَى مُريبَةٍ .
ولا بأشْلاءِ الحُروبِ اعْتَدْنا رُؤْيتَها بيْنَ وَجَباتِ الطَّعامِ .
ولا بصورةِ ياسر عرفات ، عَلَّقَتْها أُمِّي بشَريطٍ أَسْودَ على جانِبِ الإطارِ .
ولا بأُغنيةِ أُمِّ كلْثومٍ ، وبَحَّةِ نجاة الصّغيرة يَسَتَهِلُّ بهما الصّباحَ
حلاَّقُ الحَيِّ الطّاعِنُ في السِّنِّ ،
ولا بالصَّبيَّةِ الحَسْناءِ هاجر ، وَهِيَ تُفْرِطُ في الْغَنَجِ في طَريقِها لِلْبَقَّالِ ،
تَتَدَلَّى بعْدَها القُلوبُ على حَبْلِ الْغَرام .
ولا بالمُذيعِ الأَنيقِ يُفْرِطُ في ضَبْطِ مَخارِجِ الحُروفِ ، و لا بالمَجْنونِ المُرابِطِ بزاوِيَةِ الدَّرْبِ ،
يُحَرِّكُ يَدَيْهِ ، كقائِدٍ عَسْكَرِيٍّ عًَظيمٍ ، و يُصْدرُ الأَوامِرَ لِأَتْباعٍ لا يَراهُمْ أَحَد ،
ويَسَتَريحُ على إيقاعِ ضَحِكٍ هِسْتيرِيٍّ ، وَبُكاءِ طفْلٍ عَنيدٍ .
لَسْتُ مَعْنِيَّةً بشيْءٍ ..
فقَطْ تَخْنُقُني كلُّ هذِهِ الصُّوَرِ ،
كلَّما أَغْمَضْتُ عَيْنَيَّ ، وهَدَّني بَعْضُ التَّعَب